الاقتصاد العالمي- أزمة عميقة وتحديات متعددة تهدد الاستقرار

المؤلف: حسين شبكشي08.21.2025
الاقتصاد العالمي- أزمة عميقة وتحديات متعددة تهدد الاستقرار

الاقتصاد العالمي يمر بأوقات عصيبة، وتظهر مؤشرات عديدة تفاقم الأزمة الاقتصادية. بينما يصر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على أن الولايات المتحدة تشهد ازدهارًا غير مسبوق في عهده، فإن تقلب أداء الأسواق المالية الأمريكية وتصاعد معدلات التضخم، التي وعد بالقضاء عليها خلال حملته الانتخابية، يدحض هذا الادعاء. وتزيد بيانات البطالة الجديدة من تأكيد هذا الوضع، مع الإعلان عن تراجع حاد في الوظائف المستحدثة. ورغم الفرحة المؤقتة التي عمت مؤيدي ترمب عندما أُعلن عن تحقيق فائض في الميزان التجاري الأمريكي لشهر يوليو بفضل الرسوم الجمركية الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة، فإن هذه الفرحة لم تدم طويلاً.

وقد صب ترمب جام غضبه على رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي، متهماً إياه بالتآمر لعرقلة مسيرته، وذلك بسبب عدم خفض معدلات الفائدة للسيطرة على التضخم، الذي يزعم ترمب أنه قد انتهى، وأن ما يحدث هو نتيجة لتعنت الاحتياطي الفيدرالي.

في المقابل، تسعى الصين جاهدة لإعادة هيكلة اقتصادها بعيدًا عن الضغوط والعقوبات والضرائب والجمارك الأمريكية، واستعادة الزخم الذي مكنها من تحقيق معدلات نمو تاريخية لسنوات متتالية. تتجه العديد من الشركات الصينية إلى توسيع نطاق عملياتها الصناعية خارج حدود الصين لتعزيز قدرتها التنافسية. وتحرص الصين على تعزيز وتنمية سوقها المحلية لتصبح الأكبر عالميًا، وقد نجحت بالفعل في ذلك في قطاعات مثل صناعة السيارات. يهدف ذلك إلى تعزيز تنافسية الشركات الصينية في الأسواق العالمية.

أما أوروبا، فهي تعاني أيضًا من تحديات جمة. في عصر التكنولوجيا المتقدمة ومنتجات الذكاء الاصطناعي، تبدو القارة العجوز متخلفة عن الركب، ويكاد التنافس يقتصر على الولايات المتحدة والصين. تواجه أوروبا تحديات كبيرة، منها انخفاض معدلات النمو السكاني وشيخوخة المجتمع، وتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين الذين يحتاجهم سوق العمل بشدة، ولكن التكلفة الاجتماعية تبقى باهظة. بالإضافة إلى ذلك، فإن فاتورة التسليح والأمن والدفاع التي يتعين على الدول الأوروبية تحملها بنفسها ستؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي.

حتى أشد المدافعين عن إسرائيل في أمريكا لا يستطيعون تبرير استمرار تدفق المساعدات المالية الضخمة من الولايات المتحدة لدعم حكومة متطرفة تمارس أفعالًا وحشية، بينما تحقق إسرائيل فائضًا ماليًا في ميزانياتها في حين تعاني أمريكا من عجز مالي مستمر.

إن استمرار الأجواء الاقتصادية السلبية لفترة طويلة يخلق بيئة مواتية لمروجي نظرية "الحرب الجيدة"، الذين يستذكرون كيف أدت الحرب العالمية الثانية إلى توفير فرص عمل للآلاف وتحريك عجلة الإنتاج الصناعي بلا توقف، مما أدى إلى ازدهار اقتصادي كبير.

هل نشهد حربًا بين الولايات المتحدة وروسيا تتسع رقعتها في أوروبا؟ هل يتسع نطاق العدوان الإسرائيلي ليشمل مناطق جديدة؟ هل تستغل الصين الوضع العالمي لاستعادة تايوان؟ هذه السيناريوهات المتطرفة كلها واردة لتحريك الاقتصاد العالمي المتضرر وإنعاشه.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة